حصاد الحريات في الإمارات.. 2022 عام تعزيز الإنجازات في ملف حقوق الإنسان
حصاد الحريات في الإمارات.. 2022 عام تعزيز الإنجازات في ملف حقوق الإنسان
بذلت الإمارات العربية المتحدة جهودا كبيرة خلال العام 2022 لتمكين قيم احترام حقوق الإنسان، اعتمادا على دستورها الذي يكفل الحريات المدنية للجميع، ومنظومتها التشريعية التي تعزز مبادئ العدالة والمساواة والتسامح، واحترام الحقوق، معززة ذلك بمبادراتها الرائدة وتجاربها الملهمة في بناء دولة القانون والمؤسسات ونشر قيم التسامح وتمكين المرأة وحماية حقوق الأطفال والعمال وغيرها من الفئات.
واتسمت المبادئ والقيم الحقوقية التي طالما غرستها دولة الإمارات العربية المتحدة في مناخها العام، خلال عام 2022 إلى فعل مؤسسي بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان.
وفي ديسمبر 2021، أصدر الرئيس الإماراتي الراحل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، القرار رقم 12 لسنة 2021 والذي يقضي بإنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان كهيئة مستقلة، وفقاً لمبادئ باريس المعتمدة دوليا.
وأعلنت "الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان"، في يناير الماضي، عن تشكيل 6 لجان رئيسة معنية بالملفات الأساسية التي سيتم العمل عليها لعام 2022، وهي لجنة الحقوق المدنية والسياسية، ولجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، ولجنة الشكاوى والرصد والزيارات الميدانية، ولجنة العلاقات الدولية والمنظمات غير الحكومية، ولجنة تعزيز ثقافة حقوق الإنسان، ولجنة الحقوق القانونية والتشريعية.
وتعتبر الهيئة الوطنية مؤسسة مستقلة، تعمل من خلال مجلس أمناء يتولى القيام بمهامه ومسؤوليته التي كفلها القانون الاتحادي، والذين يمثلون نخبة من الخبراء والمعنيين بحقوق الإنسان، وفق طيف واسع من التنوع والتعدّد في الخبرات والمؤهلات التي تسهم في تعزيز عمل الهيئة، مع مراعاة تمثيل المرأة وكافة الفئات ذات الصلة.
وبموجب قرار التأسيس تعمل الهيئة على مجموعة من الاختصاصات، أبرزها نشر ثقافة حقوق الإنسان وتوعية أفراد المجتمع بها، وإصدار النشرات والمطبوعات والبيانات والتقارير الخاصة المتعلقة بحقوق الإنسان، فضلا عن إجراء الزيارات الميدانية للمؤسسات العقابية والإصلاحية وأماكن الاحتجاز، والتجمعات العمالية، والدور الصحية والتعليمية، ومراكز الإيواء، ورصد أوضاع حقوق الإنسان بها.
كما تقوم أيضا بالمتابعة والتنسيق مع السلطات المختصة للرد على الملاحظات الواردة إلى الدولة من المنظمات الدولية في مجال حقوق الإنسان، وتلقي الشكاوى المتعلقة بحقوق الإنسان ودراستها وفقاً للمعايير المعتمدة، واتخاذ الإجراءات النظامية في شأنها، إضافة إلى رصد أية تجاوزات أو انتهاكات للحقوق الإنسانية، والتأكّد من صحتها، وإبلاغها إلى السلطات المختصة.
ووفق القانون المُنظم، تختص الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بالدور الرقابي للسجل الحقوقي في الدولة، وإصدار تقرير سنوي، يتم إيصاله إلى رئيس الدولة ومجلس الوزراء والمجلس الوطني الاتحادي، حول حالة حقوق الإنسان في الدولة، وتقديم التوصيات والمقترحات حول سبل تعزيز سجل حقوق الإنسان بالإمارات.
تشريعات وقوانين
وتسعى الدولة أيضا إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان، من خلال منظومة تشريعية متكاملة ومتوائمة مع القوانين المحلية والتشريعات الدولية، وبناء شراكات فعالة وبرامج مع كافة الأطراف الفاعلة في العالم.
وشهد عام 2022 عمليات تحديث وتطوير كبيرة، بشأن المنظومة التشريعية والتنظيمية المعنية بحقوق العمال، وذلك عبر إصدار عدة تشريعات بين مراسيم بقوانين وقرارات وزارية، تهدف إلى تعزيز حماية حقوق العمال ورفع كفاءتهم، بما يضمن استقرارهم وتحسين بيئة العمل المحفزة على الإنتاج.
وتضمنت القائمة المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2022 بشأن عمال الخدمة المساعدة، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، وقرار مجلس الوزراء رقم 33 لسنة 2022 بشأن إصابات العمل وأمراض المهنة، والقرار الوزاري رقم 44 لسنة 2022 بشأن الصحة والسلامة المهنية والسكنات العمالية، والقرار الوزاري رقم 43 لسنة 2022 بشأن حماية الأجور، والقرار الوزاري رقم 48 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات تفتيش العمل، والقرار رقم 46 لسنة 2022 بشأن إنشاء لجنة منازعات العمل الجماعية، والقرار الوزاري رقم 47 لسنة 2022 بشأن تنظيم إجراءات المنازعات والشكاوى العمالية.
واعتمدت الدولة خلال الفترة الماضية حزمة من التشريعات المهمة، شملت قوانين الأحوال الشخصية والمعاملات المدنية والإجراءات الجزائية وقانون العقوبات، ومكافحة التمييز والكراهية، وذلك لمواكبة احتياجات ومتطلبات المرحلة الحالية، لتتواءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، التي تعد دولة الإمارات طرفاً فيها.
وفي أكتوبر الماضي.. أصدرت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التقرير السنوي الخاص بجهود دولة الإمارات لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر خلال عام 2021، والذي تناول الأنشطة التي تمت في إطار الدعائم الخمس للاستراتيجية الوطنية لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر والمتمثلة في العمل على الوقاية من الجريمة، وحماية الضحايا، وملاحقة الجناة وضمان إنزال العقوبات الرادعة عليهم فضلًا عن العمل على تعزيز التعاون الدولي للقضاء على هذه الجريمة.
![123465456498779879798946.jpg 123465456498779879798946.jpg](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2022/12/15/image_756641716390133.jpg)
فعاليات ومشاركات
وواصلت الإمارات خلال العام الجاري إطلاق وتنفيذ خطط ومشاريع وطنية طموحة في مجالات متعددة، غايتها تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أراضيها، وتوفير أفضل مستويات التعليم والسكن والرعاية الصحية والاجتماعية لهم، هذا إلى جانب العديد من المبادرات التي تصب في مصلحة تعزيز حضور المرأة وتمكينها في المجتمع، وحماية حقوق الأطفال وكبار المواطنين وأصحاب الهمم.
دوليا.. باشرت الإمارات عضويتها في مجلس حقوق الإنسان للفترة من 2022-2024 بناء على الانتخابات التي جرت في الجمعية العامة في أكتوبر 2021، حيث حازت للمرة الثالثة في تاريخها ثقة المجتمع الدولي، بدور الدولة في الإسهام بإثراء وتطوير عمل وأداء المجلس.
وشاركت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان بأعمال المؤتمر الدولي حول التضامن وخطة الأمم المتحدة 2030 لتحقيق التنمية المستدامة - محورية الهدف 16 "السلام والعدل والمؤسسات القوية" والذي استضافته القاهرة في فبراير 2022.
وأقيم المؤتمر آنذاك بالتعاون مع الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وجامعة الدول العربية، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بحضور وزراء وسفراء وشخصيات محلية وإقليمية ودولية فاعلة في مجال حقوق الإنسان وممثلي المجتمع المدني.
كما التقى ممثلو الهيئة الوطنية في فبراير الماضي، رئيس البعثة الألمانية في أبوظبي، والسفير البريطاني لدى الإمارات، وعددا من أعضاء البرلمان البريطاني، إضافة إلى السفير الإيطالي في الإمارات، وعدد من أعضاء البرلمان الأوروبي.
واحتضنت العاصمة أبوظبي في مطلع ديسمبر الجاري الإطلاق الرسمي للإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة بمشاركة إماراتية وعربية ودولية واسعة، الذي دعا إلى الالتزام بتبني استراتيجيات من شأنها معالجة مشكلة العنف ضد المرأة وتحقيق الأمن والأمان والرخاء والتقدم والسلام في المجتمعات العربية.
![65465564879979456656.jpg 65465564879979456656.jpg](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2022/12/15/image_457523151505376.jpg)
العنف ضد المرأة
وتحظى الإمارات بمكانة مرموقة ومقدرة عالمياً في ملف حقوق الإنسان، حيث عززته تجاربها الناجحة في مجالات عدة، مثل تمكين المرأة، حيث احتضنت العاصمة الإماراتية أبوظبي في 7 ديسمبر 2022، الإطلاق الرسمي للإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة بمشاركة عربية ودولية واسعة.
وترأست الفعالية التي عقدت تحت عنوان "الإعلان العربي لمناهضة جميع أشكال العنف ضد المرأة والفتاة بين النص وسبل التنفيذ"، وزيرة تنمية المجتمع الإماراتي حصة بنت عيسى بوحميد، وهيفاء أبوغزالة، الأمين العام المساعد للشؤون الاجتماعية بجامعة الدول العربية.
واعتبر مراقبون أن إطلاق الإعلان العربي لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة من أبوظبي يعكس جهود دولة الإمارات في تمكين المرأة وتحسين مكانتها المجتمعية.
وأضافوا أن "الإعلان يمثل التزاماً مستداماً على مستوى الدول العربية لتبني استراتيجيات معالجة ظاهرة العنف ضد المرأة وتحقيق الأمن والأمان والسلام المجتمعي".
ويكفل الدستور الإماراتي الحقوق والحريات المدنية للأفراد، حيث إن جميع الأفراد سواء أمام القانون، ولا تمييز بين مواطني الدولة بسبب الأصل، أو الموطن، أو العقيدة الدينية، أو المركز الاجتماعي.
كما ينص الدستور أيضا على حماية القانون للحرية الشخصية لكافة المواطنين، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه، أو حجزه، أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، لأن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، فيما يحظر الدستور إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً.
الاتجار في البشر
وسعت الإمارات خلال عام 2022 إلى مواصلة جهودها في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر بكافة أشكاله، والتصدي لهذه الظاهرة إقليمياً وعالمياً عبر ركائز أساسية تشمل الأطر القانونية، والوقاية والمنع، والملاحقة القضائية، والعقاب، حماية الضحايا، وتعزيز التعاون الدولي.
وتوجد عدة جهات معنية في الدولة تقدم الرعاية والتأهيل لضحايا الاتجار بالبشر، ومنها مراكز "إيواء"، ومؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال (DFWAC)، ومركز أبوظبي للإيواء والرعاية الإنسانية، ومركز حماية المرأة في الشارقة.
كما توجد عدة جهات في الإمارات تعمل على تقديم الرعاية والتأهيل لضحايا الاتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، حيث تستقبل النساء والأطفال، وتقدم لهم المأوى المؤقت والرعاية الضرورية قبل عودتهم إلى بلدانهم.
![54645656879789789845615.jpg 54645656879789789845615.jpg](https://jusoorpost.com/public/uploads/fileManager/2022/12/15/image_320606277619380.jpg)
مساعدات دولية
وسعت الإمارات خلال عام 2022 إلى مد يد العون لكل محتاج، حيث قدمت في مايو الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 35 مليون درهم إلى الصومال لدعم جهود التنمية، كما سيرت جسرا جويا يحمل سلالا غذائية متكاملة وإمدادات طبية أساسية إلى جانب فريق طبي ومستشفى ميداني لإغاثة ضحايا زلزال أفغانستان.
وخصصت الإمارات في يوليو الماضي مبلغ 25 مليون دولار لدعم مستشفى المقاصد في القدس الشرقية لتوسعة نطاق خدماته الطبي، وأرسلت في أغسطس الماضي مساعدات إنسانية عاجلة بقيمة 25 مليون درهم إلى المتأثرين والنازحين بسبب السيول والفيضانات في السودان، وفي الشهر ذاته أرسلت مساعدات إغاثية عاجلة إلى جمهورية باكستان الإسلامية التي شهدت عدة أقاليم فيها سيولاً وفيضانات، فيما قدمت على مدار العام الجاري مساعدات إغاثية إنسانية إلى المدنيين الأوكرانيين المتضررين من الأزمة في أوكرانيا.
إشادات عالمية
وأشاد المجلس الدولي لحقوق الإنسان في جنيف، بـ"تأسيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في الإمارات"، معتبرا أنها تلعب دورا جوهريا في تعزيز ورصد التنفيذ الفعال للمعايير الدولية لحقوق الإنسان على المستوى الوطني.
فيما رحب مارغَريتيس شيناس، نائب رئيس المفوضية الأوروبية، بجهود الإمارات لتعزيز حقوق الإنسان والحريات، مؤكدا أن انتخاب الإمارات لعضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للمرة الثالثة مؤخرا يعكس الثقل الدولي المتزايد للدولة.
كما أشاد مسؤولون وحقوقيون أوروبيون وعرب بجهود دولة الإمارات في مجال حماية حقوق الإنسان وتعزيزها، وفقاً لمبادئ القانون الدولي.
وبدوره قال بابتست برودارد، أستاذ في العلوم الاجتماعية بالجامعة السويسرية ومقيم في جنيف، إن إنشاء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في الإمارات يمثل "خطوة جديدة واعدة".
وأوضح برودارد أن هيئة حقوق الإنسان الإماراتية ستصبح جهة فاعلة رئيسية في تعزيز القيم الإنسانية داخل وخارج البلد الخليجي، الأمر الذي سيدعم دور الإمارات في المجلس الدولي لحقوق الإنسان للفترة من 2022 إلى 2024.
فيما أكد، الأكاديمي والحقوقي التونسي المقيم في سويسرا الدكتور عبدالجليل الظاهري، أن تكريس حقوق الإنسان وسيادة القانون يعززان الاتجاه الذي اختارته الإمارات لتطوير الحياة الاقتصادية والثقافية.
وأضاف الظاهري أن "تأسيس هذه الهيئة دليل قوي على نهج الإمارات الثابت في شأن تكريس حقوق المواطن وكل من يقيم على أرضها بشكل عام".